أيها الإنسان
النص:
أيُّها الإنسان ، أنت الإنسانيّة بكاملها ، أنت ألِفها وياؤها ، منك تتفجَّر ينابيعها ، وإليك تجري وفيك تصبّ .
أنت حاكمها ومحكومها ، وظالمها ومظلومها ، وهادمها ومهدومها . أنت صالبُها ومصلوبها ، وضعيفها وقويّها ، وظاهرها وخفيُّها . أنت جلادها ومجلودها ، ورفيعها وخسيسها ، وملاكها وإبليسها .
أنت ابن كلّ أب وأمٍّ ، وأبو كلِّ أخ وأختٍ .
وأنا ـ كائناً من كنت ـ لامهرب لي منك ، ولا لك منّي ، أنا وأنت كلانا الإنسانيَّة بأسرها ، لولا الذين سبقونا لما كنّا ، ولولانا لما كان في رحم الزمان إنسان .
أفي قلب جارك سعادةٌ ؟ ألا فاغتبط بسعادته ، لأن في نسيجها خيطاً من نسيج روحك .
أفي قلب جارك حرقةٌ ؟ فلْيحترقُ قلبك بها ، لأنَّ في ثمارها شرارةً من موقد بغضك وإهمالك .
أفي عين جارك دمعةٌ ؟ فلْتدمعْ بها عينك ، لأنّ فيها ذرّةً من ملح قساوتك .
أعلى وجه جارك بَسْمةٌ ؟ فليبتسم لها وجهك ، لأنَّ في حلاوتها شعاعاً من نور محبَّتك .
أمسِ رأيتك تُحصي أرباحك ، وترتِّب نفسك معجباً بدهائك وما سمعْتُك تقول : "هذا ما أكسبني الناس" واليوم رأيتك تحسب خسارتك ، لاعناً دهاء غيرك ، وسمعتك تقول : "هذا ما سلبني إياه الناس" أفلا تخجل من أن تكون في الحياة شريكاً ومُضارباً معاً أنت الإنسانية بكاملها ، عرفت ذلك أم جهلته ، وأنا صورتُك ومثالُك .